أطلقت جامعة القديس يوسف كلية الحقوق والعلوم السياسية بالتعاون مع ادارة التفتيش المركزي وشركة Siren Associates تقريرا ناتجا عن بحث جامعي حول علاقة المواطن اللبناني بالإدارات العامة، أعده طلاب وطالبات جامعيون وذلك ضمن إطار مشروع “الشباب للحوكمة” “Youth4Governance”، يوم الجمعة الواقع في 24 ايلول 2021.
تم الاطلاق بحضور معالي وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية نجلا رياشي عساكر، سفيرة كندا في لبنان Chantal Chastenay، نائب رئيس جامعة القديس يوسف البروفيسور الاب صلاح أبو جودة، رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية، عميدة كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف لينا غناجة ورئيسة قسم الأبحاث في شركة Siren Associates الدكتورة كارول الشرباتي وممثلي منظمات دولية وأكاديميين وخبراء في الإدارة العامة، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني .
قدّمت الحفل وملخّص عن البرنامج وكيفية الاستفادة منه الطالبة حبيبة رجب، تلته كلمة لرئيس جامعة القديس يوسف البروفيسور سليم دكاش، القاها بالنيابة عنه البروفيسور الاب صلاح أبو جودة نائب رئيس الجامعة، تمّ الإشادة فيها بعمل الطلاب والطالبات واللجنة التوجيهية في الجامعة التي واكبت وأشرفت على مختلف مراحل البرنامج والتقارير الصادرة عنه. كما تمّت الإشارة الى التجربة الناجحة التي خاضها الطلاب والطالبات مع التقارب الذي حصل بينهم وبين الإدارة العامة لخدمتها وتحسين أدائها، والذي أدى في نهاية الامر الى تحقيق أسمى وأهم أهداف الجامعة الا وهو خدمة الدولة. وأخيرا تم التنويه بضرورة تعميم هذه التجربة والاضاءة عليها في الاعلام حيث اختار معظم هؤلاء الشباب البقاء في بلدهم والتوجه نحو اداراته ومؤسساته للتعرّف عليها لتحسينها مع تعزيزهم لحسّ ومسؤولية الانتماء الوطني.
ومن ثم كلمة لعميدة كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف لينا غناجة تحدثت فيها عن التحدّي الذي ارتضاه الطلاب واللجنة المشرفة ايمانا بالدولة ومؤسساتها على الرغم من تآكل وانهيار واضح لكيان وأسس دولة القانون. واشارت غناجة انه من إيجابيات الازمة التي نعيش هو كيفية حثّنا كمجتمع مدني على التواصل مجددا مع القطاع العام. وبالنسبة لبرنامج الشباب للحوكمة أكدت غناجة أن هذا البرنامج يحمل بطيّاته مشروعا لاستعادة الدولة من قبل الشباب مع تغيير لشعار حُفر بأذهان الناس منذ ايام الحرب ومفاده أنه لا وجود للدولة، على الرغم من المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الشباب والتي تتضمن الكثير من الالتزام لإعادة بناء الدولة وفق تطلعاتهم، الامر الذي بدوره يفرض التزاما من الجامعات التي تضمّ هؤلاء الشباب ايضا. اهمية البرنامج تكمن في التربية على المواطنة وعدم الاكتفاء بالشعارات كحرية التنوع والاختلاف والعيش المشترك، كما الانخراط في العمل الاداري للتعرّف على الجنود المستترين في الادارة وتعزيز مبدأ وثقافة تحمّل المسؤولية في الحياة السياسية التي ظهرت ضعيفة جدا خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت.
وفي كلمة لرئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية ركّز فيها على الشغف والنبض لدى الطلاب والطالبات لاحداث شيىء وترك بصمة في العمل الإداري، خاصة وان التقارب الذي حصل بينهم وبين المواطنين والموظفين في الإدارة العامة وفي التفتيش المركزي ترك أثره وانطبع بفسحة امل قدّمها هؤلاء الطلاب لتحسين وتطوير كل ما تمّ الإضاءة عليه من ثغرات ومكامن خلل في علاقة المواطنين مع الادارة، علاقة الموظفين مع الادارة، وفي النهاية علاقة المواطنين والموظفين بالتفتيش المركزي. كما أشاد عطية بالتحوّل المستجد للشبان والشابات من التوجّه نحو القطاع الخاص الى القطاع العام باستعداد تام وجهوزية تامة لوضع كافة المعارف والعلوم في خدمة الإدارة العامة لتطويرها وتحسينها لتقوم بنفسها بتطوير خدماتها إرضاء للمواطنين، هذا التحوّل الذي أنتج تقريرا يمكن الاستفادة منه لوضع خطط واستراتيجيات للاستفادة من الطاقات الموجودة في القطاع العام بالإضافة الى ضمّه كورقة الى الخطة الاصلاحية الشاملة والتي يعمل عليها التفتيش منذ عامين. وأخيرا اختتم عطية كلمته بالإشارة الى منصة التفتيش المركزي Impact والنسب والأرقام الإيجابية التي تضمنها التقرير عنها، كما الاستعداد الواضح عند المواطنين لإتمام معاملاتهم رقميا.
من بعدها تناوب الطلاب ايفا عبودي، روميرو قدوم، كريستينا يمين وجاد جرادة الذين شاركوا في برنامج الشباب للحوكمة على تقديم خلاصة التقرير تحت عنوان “من ادارة الازمة الى الادارة العامة، نحن الدولة”، كما تمّ عرض شريط فيديو عن تجربة الشباب في الادارة العامة وما اختبروه واكتشفوه طوال هذه الفترة.
اختتم الحفل بكلمة للدكتورة كارول الشرباتي التي اشرفت من ضمن اللجنة التوجيهية على عمل وابحاث الطلاب والطالبات، موضحة ان اشراك الشباب الجامعي من خلال البرنامج كان بمثابة تعيينهم كمستشارين لكشف الثغرات والنواقص في الادارة العامة بالإضافة الى وضع الاليات والانظمة لتصحيح هذه الثغرات والنواقص عبر استخدام العلم والمعرفة لفهم القطاع العام.
الاندفاع ظهر جليا لدى الطلاب والطالبات لمساندة الموظفين المدنيين الكفوئين والملتزمين بواجباتهم، كما تمّ رؤية تجسّد الدولة في عيونهم الى جانب الحماسة والاستعداد والجهوزية للانخراط في عملية بناء الدولة. وشددت الشارباتي على اهمية البرنامج الذي يقرّب الشباب من مؤسسات الدولة للاستكشاف والتقييم والتحليل للوصول الى خلاصات وتقارير تشكل قاعدة اساسية في عملية تطوير القطاع العام، واضافت انه من اهداف البرنامج الوقوف الى جانب رواد التغيير من داخل الادارة ومساندتهم بالعلم والمعرفة من قبل الدكاترة والاساتذة والطلاب لتحقيق اهدافهم وانتشال الادارة من القعر والعبور بها الى مكانها الطبيعي للقيام بدورها الفعال ومعها ليتم النهوض الفعلي للوطن، واخيرا يشكل البرنامج رسالة صمود وتحدي بوجه من لا يريد التغيير من داخل وخارج القطاع العام، رسالة تتضمن العلم والخبرة والتكنولوجيا حيث لا يمكن لاي مناورة ان تقف بوجه البحث والتحليل والتنفيذ، وبحيث اصبح واضحا وجليا ان البلد بحاجة الى هذا النوع من المقاربات التي فقط عبرها سيتم بناؤه . وفي النهاية اشارت الشرباتي الى ان البرنامج بكافة مراحله يتمحور حول المواطن الذي يجب ان يصبح خبيرا بشؤونه، توظيف العلم في خدمة التغيير، وكل ذلك سيتم وضعه قيد التنفيذ من خلال التعاون مع التفتيش المركزي والذي يشكل خطة استراتيجية هي اصلا في مراحل التطبيق.
لمحة عن التقرير وأبرز النتائج والتوصيات
يهدف التقرير إلى مسح وفهم تصوّرات كلّ من المواطنين والموظفين العامين ازاء الإدارات العامة، ولهذا الغرض تم استخدام منهجية جمع المعلومات الكميّة والنوعية، وخاصّةً طريقة استطلاع الرأي. فقد تم تعبئة 1572 استمارة رقمية توزعت على ثلاث مراحل 1065 استمارة استطلعت راي المواطنين، 470 استمارة استطلعت راي الموظفين العامين و37 للموظفين في التفتيش المركزي، من خلال فريق مؤلف من 17 باحث و4 مشرفين و4 محللين، كما تمّ اصدار 3 تقارير جمعت في التقرير الموحّد الذي تمّ إصداره اليوم. اشرفت على منهجية البحث لجنة توجيهية لدى جامعة القديس يوسف مؤلفة من أساتذة وخبراء في الادارة العامة والحوكمة ورسم السياسات العامة، وذلك بالتعاون مع التفتيش المركزي.
بالارقام سلّط التقرير الضوء على غياب مفهوم خدمة المواطنين في الإدارات العامة، كما عكس مدى تدنّي مستوى الثقافة المدنية لدى المواطن الذي ليس لديه معرفة كافية أولا بأجهزة الرقابة وإمكانية تقديم الشكاوى لديها، وثانيا بكيفية انجاز المعاملات واتمام المستندات الخاصة بها. في سياق آخر أشار التقرير الى معرفة الموظفين بمكامن الثغرات والحلول المنشودة لها كمكافحة الفساد وضرورة استخدام المكننة لإنجاز المعاملات الا ان العائق امام تحقيق هذا الامر بقي من خلال عدم اشراكهم او اعلامهم عن الخطط والاهداف الاستراتيجية المنوي تحقيقها، خاصة الفئة الشبابية منهم والتي تلامس الـ7% من مجموعهم الاجمالي. تجدر الإشارة الى ان 81% من الموظفين هم من حاملي الشهادات الجامعية، 34% من حملة شهادة الماجيستير، 76% منهم يجيدون استعمال الكومبيوتر. كما شدّد التقرير في خلاصته على ضرورة إعادة احياء ثقة المواطن بالمؤسسات والإدارات العامة.
من أبرز التوصيات التي جاءت في التقرير، رقمنة العمليات البيروقراطية وخدمات المواطنين ابتداء وبشكل اولي من معاملات الضمان الاجتماعي، تسهيل عملية الوصول الى المعلومات او المستندات المطلوبة لإتمام المعاملات، تعزيز الثقافة المدنية مع تحديد الحقوق والموجبات، التوعية حول مهام وصلاحيات الأجهزة الرقابية، تسهيل الوصول الى الخدمات الرقمية بالتساوي، تطبيق اللامركزية الإدارية على الخدمات مع اشراك للسلطات المحلية في التوعية ونشر الثقافة دعما للمواطنين، الاستفادة من التجربة الناجحة مع منصة التفتيش المركزي Impact وتعميمها على الادارات عبر الاستمرار في انتهاج التحول الرقمي واشراك جميع الأجهزة الرقابية عليها مما يسهل الرقابة المشتركة مع المساءلة والمحاسبة لتحقيق العدالة الاجتماعية في الخدمة العامة ، وأخيرا وفي سياق متصل انشاء وتحديد مؤشرات رئيسية لتقييم الأداء.
وكخلاصة شدّد التقرير على ضرورة تنظيم الهيكلية الإدارية العامة للدولة وتحسين أدائها مع اتخاذ الاجراءات اللازمة لتفعيل دور المؤسسات والإدارات والتي تشكل بداية الطريق في محاربة الفساد.
لمحة عن البرنامج
يهدف برنامج الشباب للحوكمة Youth4governance الى اشراك الشباب اللبناني في العمل الاداري في ظل انعدام الفئة الشبابية تقريبا في الادارات والمؤسسات العامة، التعاون مع القوى العاملة داخل المؤسسات ومساندتها للحدّّ من الفساد، توظيف التفكير التحليلي وابتكار الحلول من اجل تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة والمحاسبة، مع ما يتطلب ذلك من اجراء للأبحاث والاستطلاعات والمقابلات مع موظفي الادارة العامة والمواطنين، لاستخلاص النتائج العلمية والخروج بمقترحات تطبيقية وعملانية للوصول الى تطوير العمل الاداري ورقمنة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين والمواطنات.
شارك في البرنامج بنسخته الأولى لصيف 2021 ، 29 طالب وطالبة تم قبولهم من أصل 87 طلب انتساب، ومعظم الطلاب من الجامعة اليسوعية، الجامعة اللبنانية، جامعة الحكمة، الجامعة الأمريكية في بيروت والجامعة اللبنانية الأمريكية.
قام الطلاب بالعمل على محورين بحسب اختصاص كل منهم، محور الأبحاث والسياسات ومحور التطوير التقني. من جهتهم قام طلاب العلوم الاجتماعية بإجراء دراسات حول الإدارات العامة، الجمعيات في لبنان وقدراتها الرقمية، وأيضا دراسات حول البلديات والتنمية الريفية، فيما طوَر طلاب الهندسة مشاريع ممكننة ساهمت في إيجاد حلول رقمية سريعة لأدوات خاصة بمؤسسات الدولة تقدّم خدمات عامة للمواطنين والمواطنات.
تمّ اختتام النسخة الصيفية الأولى من البرنامج بتوزيع شهادات مشاركة وإطلاق فيلم قصير حول الدراسة الميدانية التي أعدها وتابعها الطلاب والتي أفضت الى اصدار 3 تقارير مفصلة حول كل مرحلة.
للاطلاع على تفاصيل التقارير الثلاثة الرجاء الضغط على الرابط التالي